برد الخيام يخنق الغزيين… ونازحة تشعل البلاستيك لتدفئة أحفادها وسط قيود الاحتلال على دخول الغاز
في قلب غزة المنهكة، تجلس روحية البلبيسي، الستينية التي أثقلها المرض والنزوح، أمام خيمتها التي بالكاد تقيها الريح، تشعل قطع البلاستيك وأكياس النايلون تحت عيون أحفاد يرتجفون بردًا وجوعًا. تقول بصوت ممزوج بالدخان والوجع: “لسه بنولع النار.. العيش غالي والظروف صعبة.. هي عيشتنا على النار من أول الحرب لليوم.”
ورغم مرور شهر على وقف الحرب، إلا أن ألسنة النار السوداء لا تزال عنوان حياة آلاف النازحين، بعد أن قيّد الاحتلال إدخال الغاز إلى القطاع، في خرق فجّ لكل القوانين الإنسانية، كما تؤكد منظمات دولية.
روحية التي فقدت منزلها في منطقة الشعف، وتعيش مع أسرتها الكبيرة داخل خيمة واحدة، لم تنجُ من ثقل الفقد؛ اثنان من أحفادها ارتقوا في الحرب، ولا تزال تبحث عن خبر ابنها وحفيده المختفيين منذ 25 أبريل. ومع كل هذا الألم، ترسم ابتسامة باهتة وتقول بثقة المحاصَرين الذين لم ينكسروا: “ربنا كبير.. وإن شاء الله دايمًا نرفع روسنا.”
الهيئة العامة للبترول في غزة كشفت أن الاحتلال يعيد شاحنات الغاز من المعبر بشكل يومي دون السماح بتعبئتها، واعتبرت ذلك خطوة تعمّق إذلال الفلسطينيين. فيما أوضح المكتب الإعلامي الحكومي أن ما دخل القطاع منذ بدء وقف إطلاق النار لا يتجاوز 28% من الشاحنات المتفق عليها، بينها 31 فقط محمّلة بغاز الطهي، رغم الاحتياج الماسّ للمستشفيات والمخابز.
وبين خيام ممزقة ونيران بلاستيك خانقة، يمتد شريط المأساة الغزيّة التي صنعتها آلة الحرب: أكثر من 69 ألف شهيد و170 ألف جريح منذ السابع من أكتوبر، بينما تظل آلاف الجثامين تحت الركام والطرقات بلا قدرة على الوصول إليها، في مشهد يختصر أقسى فصول الحصار والإبادة.