سر تبعية الأنظمة العربية..


أحمد الشريف/ كاتب يمني

من المفارقات العجيبة والغريبة أن تسارع الأنظمة العربية وحكامها إلى تبني موقف أمريكا وإسرائيل بالنسبة للقضية الفلسطينية وكذلك موقفهما من المقاومات الوطنية العربية بشكل عام

والضغط لتجريدها من السلاح الذي يُشكل عقبة أمام العدو الصهيوني ويمنعه من تحقيق أهدافه المتمثلة في احتلال بلدان عربية وتمدد سيطرته على رقعة جغرافية عربية واسعة تمتد من الفرات إلى النيل لإنشاء ما يزعمونه إسرائيل الكبرى، وقد تطرق السيد القائد عبدالملك الحوثي في خطابه عصر الخميس المنصرم بتفاصيل دقيقة إلى خطورة هذا المخطط الذي يجري الإعداد له بتعاون أنظمة عربية تمد العدو الصهيوني جهراً بالمال والسلاح محذراً من تنفيذه بأيدِ عربية بينما تمتنع هذه الأنظمة عن إدخال رغيف خبز إلى قطاع غزة والأغرب من ذلك أن تُعلن الحكومة اللبنانية بلهجة شديدة تحذيرها بعدم التدخل في الشأن اللبناني وتتغنى بما تسميه السيادة اللبنانية في وقت تتبنى فيه الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية بشكل رسمي ولا تمتلك من أمرها شيئ وأصبح شغلها الشاغل هو العمل على نزع سلاح حزب الله حسب ما تريده أمريكا وإسرائيل ودول عربية تابعة وحصره حسب زعمها بيد الجيش اللبناني العاجز عن الدفاع عن لبنان وانتهاك سيادته من قبل الجيش الصهيوني بشكل يومي بل وصل الضعف بهذا الجيش في مرحلة سابقة لدرجة السماح للعدو الإسرائيلي أن يحتل العاصمة بيروت ولولا المقاومة الوطنية اللبنانية التي تشكلت بعد الاحتلال الصهيوني للبنان بقيادة حزب الله وحركة أمل لظل لبنان محتلا حتى يومنا هذا ولا تزال أجزاء منه محتلة كمزارع شبعا وتريد الحكومة اللبنانية من خلال تجريد المقاومة الوطنية من سلاحها تكرار تلك التجربة المريرة وإتاحة الفرصة من جديد للجيش الصهيوني لاحتلال لبنان ليشكل مع سوريا المحتلة خط دفاع مشترك عن الكيان الصهيوني وجعل الجيش الصهيوني ينفرد بقطاع غزة لتحقيق كل أهدافه المعلنة أثناء حربه على القطاع ومن أهمها القضاء على المقاومة الفلسطينية وتجريدها من سلاحها واحتلال القطاع بالكامل وتهجير سكانه ثم يصبح صاحب اليد الطولى في المنطقة أو ما يسميه بالشرق الأوسط الجديد.

لكن المقاومة لم تسكت على ما يحاك ضدها من تآمر للقضاء عليها وعلى قدراتها العسكرية فقد أعلن سماحة أمين حزب الله نعيم القاسم في خطابه يوم الجمعة الماضي بأن المقاومة لن تسلم السلاح وستخوض معركة كربلائية في مواجهة المشروع الإسرائيلي- الأمريكي مؤكدا أنه لا توجد سيادة للبنان ما لم تكن مشفوعة بالمقاومة التي حررت خيار لبنان السيادي واصفا قرار الحكومة اللبنانية بتجريد المقاومة ولبنان من السلاح الدفاعي أثناء العدوان بأنه خطير ويعرض البلاد لأزمة كبيرة ويناقض ميثاق العيش المشترك محملا حكومة لبنان كامل المسؤولية عن أي انفجار داخلي وأي خراب للبنان، وبدورها أعلنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وكل الفصائل المنضوية تحت رايتها بقيادة حركة حماس بأنها لن تلقي سلاحها أبداً إلا بزوال الاحتلال وتحرير الأرض الفلسطينية وحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة وبناء دولته المستقلة على أرضه، ويمكن وضع موقف اليمن ممثلا في خطاب قائده السيد عبدالملك الحوثي وزيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لارجاني لبيروت وموقف أمين حزب الله نعيم القاسم وموقف المقاومة في قطاع غزة في سياق واحد كونه موقف رافض لتجريد المقاومة من السلاح ومواجهاً لتدخل قوى إقليمية ودولية تقوده أمريكا والسعودية للضغط على لبنان لحل سلاح المقاومة بهدف فتح المجال للتطبيع والوصاية الكاملة إضافة إلى تبني قوى سياسية لبنانية عميلة مواقف فاقت في خطورتها موقف الأمريكيين والسعوديين تطالب من النظام السعودي استمرار الضغط حتى لو أدى ذلك إلى حدوث فتنة داخلية في لبنان والدخول في حرب أهلية.

قد يتساءل البعض لماذا يُذل الحُكام العرب وأنظمتهم أنفسهم إلى درجة الإهانة والخضوع لأمريكا وإسرائيل وتنفيذ كل مخططاتهما لاحتلال مساحة نصف الوطن العربي وهم يعلمون تماما بأن الدور سيأتي عليهم وسيتم اقتلاعهم من الجذور ولن تشفع لهم عمالتهم وما يقدمونه لهما من خدمات تساعد على تحقيق أهداف أمريكا وإسرائيل في المنطقة العربية بسهولة مطلقة وبأقل تكلفة وفي ظل صمت الشعوب العربية التي أصبحت مخدرة لا حول لها ولا قوة ولا ترى إلا ما يراه لها حكامها بدليل أنها لم تجرؤ على الخروج إلى الشارع نصرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وما يجري فيه من جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان بأيدي الجيش الصهيوني على الأقل أسوة بشعوب تدعم أنظمتها إسرائيل بالمال والسلاح ولكنها لم تقبل على نفسها أن تشاهد الظلم في قطاع غزة الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا وتسكت بما في ذلك داخل أمريكا نفسها الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني وحتى في إسرائيل هناك ناشطون يستنكرون ما يفعله جيشهم في قطاع غزة ويتظاهرون ضد حكومتهم وتم اعتقال بعضهم والزج بهم في السجون، وهناك طلبة في الجامعات الأمريكية حرموا من مواصلة دراستهم بسبب نصرتهم لغزة هذا غير من تم اعتقالهم ودفعوا حياتهم ثمناً لمواقفهم الإنسانية.

والجواب على ما وصل إليه الحكام العرب وأنظمتهم من إذلال وخضوع لأمريكا وإسرائيل وتنفيذ أجندتهما يتمثل في أن المقاومات الوطنية العربية في فلسطين ولبنان والعراق واليمن استطاعت بفعلها المقاوم والمواجه للعدو الصهيوني أن تفضح الجيوش العربية وأنظمتها التي لم تحصد خلال حروبها مع كيان بني صهيوني في العقود الماضية سوى الهزائم المتتالية وتسليم الأرض العربية للجيش الصهيوني بعد ضياع فلسطين، وخوفا من أن تتأثر الجيوش العربية بالانتصارات التي حققتها وتحققها المقاومة الوطنية في قطاع غزة ولبنان وصمودها المنقطع النظير لما يقارب العامين أمام من يطلقون عليه الجيش الذي لا يقهر وكذلك ما تقدمه جبهة المساندة من دعم في اليمن والعراق فتقوم هذه الجيوش التي نستطيع وصفها في المرحلة الحالية بأنها جيوش ورقية بانقلابات عسكرية ضد أنظمتها الخانعة والمتواطئة مع الكيان الصهيوني والتي جعلت منها هذه الأنظمة أوهن من بيت العنكبوت رغم ما تمتلكه من عُدة وعتاد ورجال قادرون على قلب الموازين في حال دخلوا في مواجهة حقيقية ضد عدو الأمة المتربص بها ويعمل على إضعافها وفضحها أمام شعوبها فلم يكن أمامها سوى الانتقام من المقاومة والتعاون الكامل مع أمريكا وإسرائيل لإنجاح مخططهما للسيطرة الكاملة على المنطقة العربية وتغيير حسب زعم المجرم نتنياهو وجه الشرق الأوسط الجديد.