طوق صنعاء” طوقين مشايخي وشعبي والاخير هو الاهم

1493154_1083200891739842_3006502147099753701_n

طوق صنعاء” طوقين مشايخي وشعبي والاخير هو الاهم !
———- محمد محمد المقالح

لا اشعر بالخطر على صنعاء الا حين يتسابق السياسيون في صنعاء لمراضة مشايخها او وجهاء ما يسمونه طوقها !.

لعلنا نتذكر جميعا انه ومع بداية ثورة ١١فبراير٢٠١١م كان الرئيس صالح يلتقي كل اسبوع تقريبا بمجموعة جديدة من وجها ومشايخ وضباط وتجار المناطق المحيطة بصنعاء وكان في كثير من تلك اللقاءت وحفاظا على سلطته يخوفهم من الثورة ويحذرهم من التهاون بل ان في بعض الاحيان كان يحاول مخاطبة غرائزهم المناطقية ضد مناطق يمنية اخرى .

وقد ظل هذا التحذير والتخويف لتلك الوجاهات يتصاعد من قبل صالح كلما تصاعدت الاحتجاجات الشعبية في الشارع والى درجة ان التهديد بالحرب الاهلية “من بيت الى بيت ومن طاقة الى طاقة” والذي اصبح – لاحقا- ماخذا كبيرا عليه من قبل خصومة قد نقل على لسانه في احد تلك اللقاءات التي تبين انها لم تود الى اي نتيجة مما كان يريده صالح من هولاء القيام به لحماية حكمه ولو باسم حماية صنعاء من الغرباء !

ولكن لماذا لم تنفع كل تلك التحريضات ؟

الجواب هو انه لا صالح ولا كل الطبقة السياسية المعارضة كانوا يدركون ان هذه الادوات المشايخية والوجاهية قد فسدت وترهلت وان ارتباطها بالسلطة اصبح اقوى من ارتباطها بابناء قبايلها ومناطقها الريفية كما لم يدرك هولاء انفسهم ان ابناء قبائلهم ومناطقهم الريفيين ليسوا قطيع او جزء من القبيلة البدائية ” قبيلة الدم ” بل فلاحين وعمال وجنود واصحاب حرف مثلهم مثل بقية ابناء الشعب ويعانون ما يعانيه الشعب بل ان ابناء ريف صنعاء وريف المحافظات الشمالية عموما كانوا ولا يزالون اكثر حماسة للثورة والاحتشاد في ساحاة التغيير بحثا عن العدالة الاجتماعية وفرص العمل والتعليم والصحة وبقية الخدمات الاساسية التي يتفقدها عموم اليمنيون.
…. ولذلك ولعدم ادراك كل هذه الحقائق والمتغيرات الاجتماعية لدى صالح وكل الطبقة السياسية اليمنية من حولة سقط صالح واضطر الى التوقيع على التنحي عن السلطة بعد ان تاكد ان كل اجتماعاته بما اسماهم مشايخ ووجهاء طوق صنعاء لم تعمل له شيئا بل تبين له ان بعض هولاء الذين كان يجتمع بهم بالصباح في الصالة الرياضة كانوا يذهبون بالمساء الى ساحة التغيير بجامعة صنعاء ليتحدثوا بسخرية عما حدثهم به صالح في لقاءات الصباح !.

في هذا السياق كانت جناية احزاب اللقاء المشترك وعلى راسها الاصلاح انها اتت بمشايخ السلطة انفسهم الى ساحة التغيير ليكونوا قادة لثورتهم ويخاطبونهم من منصات الثورة نفسها دون ادراك ان هولاء المشايخ الفاسدين لن يمثلوا للثورة اي اضافة ايجابية تستقوي بها على نظام صالح بل هم من مثل نقطة ضعف الثورة الشعبية وهم من دفعوا تيارات واسعة من الثوار للانكماش عنها وكيف لا وقد جاء ابناء الريف الى الثورة هربا من بطش هولاء المشايخ الذين يمثلون في مناطقهم ادوات قمع وتسلط عليهم من قبل نظام صالح نفسه واذا بهم يفاجاون بانهم قادة الثورة ونجوم منابرها ومنصات الخطابة في ساحتها وهكذا استولى هولاء على الثورة وسرقوها وبالتالي فسشلت بعد ان انكامش الثوار عنها وبعد ان تبين لهم ان المشترك يريد استبدال رموز سيئة برموز اخرى اكثر سوأ من داخل النظام نفسه!

المشهد نفسه تكرر مرة اخرى عشية ثورة ٢١سبتمبر ٢٠١٤م وبالذات حين كان الرئيس التوافقي هادي يحاول الحفاظ على سلطته امام الثورة التي يقودها هذه المرة السيد عبد الملك الحوثي من صعدة ومن الريف اليمني المحيط بصنعاء تحديدا 
اذ قام هادي بتكرار الوسيلة ذاتها التي سبق لصالح الفشل فيها وهي اللقاء بوجهاء ومشايخ وتجار وضباط قبائل من اسماهم ويسمونهم اليوم ” بقبائل طوق صنعاء” بل انه هو صاحب حق الامتياز في اطلاق توصيفات رنانة اضافية لتوصيف هولاء الوجاهات والمشايخ .

فقد التقى في اوج تصاعد الاحتجاجات الشعبية بمشايخ بني مطر والحيمتين و اطلق عليهم حينها توصيف حماة “البوابة الغربية” لصنعاء وفي الاسبوع التالي التقى بمشايخ سنحان وبلاد الروس فاطلق عليهم توصيف حماة “البوابة الجنوبية” لصنعاء وهكذا بالنسبة لهمدان (البوابة الشمالية)وارحب وبني الحارث (البوابة الشرقية )ولكنها جميعا رغم بريقها لم تفلح ابدا في حماية سلطة هادي وعلي محسن والاصلاح لان هادي وبقية تحالفاته مثلهم مثل صالح راهنوا على من لم يعد لهم اي تاثير في واقعهم الاجتماعي في مناطقهم وقبائلهم بينما راهن السيد عبد الملك الحوثي وقادة ثورة ٢١سبتمبر على الشعب وان شئت على الفلاحين والعمال والفقراء من ابناء تلك المناطق وابناء الشعب عموما وقد كانت تلك هي نقطة تفوق ثورة 21 سبتبر وسر انتصارها فكان ان انتصرت الثورة وسقط هادي بسقوط فرقة محسن ومعها كل المشايخ والوجها الذين راهن عليهم وفي مقدمتهم صف واسع من المشايخ والوجها بينهم على محسن وعيال الاحمر والشايف ودماج وصغير بن عزيز وعبد الغني جميل والرويشان والحنق والعليي وغيرهم ممن لم يعد لهم اي تاثير في مناطقهم حول صنعاء او طوق صنعاء كما يحب البعض تسميته !

بمعنى اخر راهن هادي على الفاسدين والمتسلطين والذين لم يعد لهم بسببب فسادهم واستبدادهم اي قوة اجتماعية اوسياسية في واقع القبائل التي ينتمون اليها سوى قوة المال السياسي الذي يحصلون عليه من السلطة ومن ارتباطهم الخياني بالسعودية ولذلك سقط وحلفائه ولحقوا بسقوطهم صالح وبذات الوسيلة تقريبا .

كل هذا يشير الى ان الطبقة السياسية اليمنية بكاملها لم تدرك ان انقلابا اجتماعيا قد حدث في كل اليمن وفي المناطق الريفية بشكل خاص وان جماهير هذه المناطق اصبحوا مقاتلين او ثوار في صفوف مسيرات والوية الحوثي وانصار الله وان من ادخل انصار الله الى عمران والى صنعاء وبقية المحافظات هي هذه الجماهير لا صالح ولا الحرس الجمهوري ولا هادي !
ولكنهم ويا لغبائهم ذهبوا – الطبقة السياسية – ليتنابزوا بالاتهامات المتبادلة بعد سقوطهم في صنعاء حول من ادخل الحوثي الى صنعاء؟ وقبلها من ادخل الحوثي الى عمران 
ففي حين وزع الاصلاح التهم بالخيانة في كل اتجاه -وهو صاحب تهمة الخيانة الجاهزة لحليفه حين يهزم – تارة يتهم الرئيس هادي بعدم سماحه للجيش لصد مقاتلي الحوثي عن اسقاط عمران ثم صنعاء وتارة يتهم صالح وحرسه الجمهوري ويقول بانه هو من ادخلهم الى صنعاء دون وعي بل وبغباء شديد تجاه لما حدث في الواقع الاجتماعي من متغيرات طوال حكم صالح عموما وطوال حروب صعدة وثورتي ١١فبراير و٢١سبتمبر خصوصا !
الغريب ان هذا الجدل البيزنطي حول من ” ادخل الحوثي ” او من يسيطر على وجهاء طوق صنعاء لا يزال قائما حتى اللحظة رغم انه لا مصداقية كبيرة له امام حقيقة حدوث “انقلاب اجتماعي” كامل في الولاءات السياسية لصالح الحوثي وانصار الله تحديدا .
اذا انه وفي خضم هذا الجدل “عادة سعيدة لعادتها القديمة” وبدأ صالح يراود نفسه في انه بالفعل من ادخل الحوثيين الى صنعاء وانه لا يزال يمسك بزمام المبادرة في التاثير على ما يصفونه بقبائل طوق صنعاء وهذا ما يفسر تواصل اللقاءات التي يعقدها صالح هذه الايام باسم لقاءات حزبية واعلن انه سيتوجها بمسيرات شعبية بمناسبة مرور عام واحد على العدوان السعودي وكاننا في احتفال بمناسبة الحرب لا في ماتم من جروحها المادية والمعنوية وعلى نفس المنوال يبدو ان الاصلاح قد استطاع اقناع السعويدية بان علي محسن هو صاحب التثاير الاكبر في وجهاء طوق صنعاء وقد جاء تعيينه كنائب القائد الاعلى للرئيس الفار هادي على هذه الخلفية المتوهمة تحديدا 
وقبل ان اختم علي ان اعترف ان ما لم اكن اتوقعه هو ان انصار الله انفسهم وهم من ثاروا بقاعدة الهرم الاجتماعي (الشعب)ضد راس الهرم الاجتماعي (المشياخ والتجار والضباط )وانتصروا وانتصرت ثورتهم وقبلها مظلوميتهم عليهم عادوا او بعضهم من جديد ليراهنوا مثل سابقيهم من الحكام على نفس الادوات التي سبق وان اسقطوها او كشفوا عدم تاثيرها في الواقع الاجتماعي تاركين خلفهم جمهورهم الحقيقي الذي انتصروا به ومثلوا به نبض وطموحات المجتمع المغيب او المقهور والتائق للعدالة والحرية والاستقلال من الارتهان اليمني للسعودية والقوى الاجنبية 
ان رهان بعض قيادات انصار الله في صنعاء على المشايخ والوجهاء والضباط بدلا من الجماهير الشعبية لابناء هذه المناطق او اعتبار ان ابناء هذه المناطق ليسوا مع الثورة وانصار الله بل مع مشايخهم هذا بحد ذاته يمثل مؤشرا جديا في ان الثورة التي قادها انصار الله قد سرقت منهم او ان راسها السياسي لم يعد له علاقة بجسدها الاجتماعي الامر الذي وجب التنبه اليه وما لم يتم مراجعة هذا النهج الخطير وبسرعة فان ما حدث لسابقيهم من طوق صنعاء وطوق اليمن عموما سيطوقهم ايضا ولو بعد حين