هذا هو واقع الحكومة التي تم تشكيلها في صنعاء ويأمل اليمنييون نجاحها

بقلم /طالب الحسني

عقبات كثيرة أمام الحكومة التي شكتلها القوى الوطنية في صنعاء ( انصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس صالح ) لم تقف أمام أي حكومة سابقة طول نحو 50 عاما ، لكنها جاءت ملبية لضغوط شعبية استمرت طوال اشهر  فسر البعض تأخرها بخلافات بين انصار الله والمؤتمر لكن ذلك لم يكن دقيقا ، بل على الارجح بسبب وساطة عمانية كانت ترغب في أن يكون هناك دفعة  تساعد المفاوضات المزمع اجراءها ، كما جاءت تحت إلحاح الواقع الذي يعيشه اليمنيون منذ 26 مارس 2015

الحكومة التي تشكلت ومن المتوقع أن يمنحها البرلمان  اليمني الثقة قريبا تدرك مسبقا أن الاعتراف بها دوليا يحتاج لوقت طويل ان حصل أصلا ، لكنها تدرك أيضا أنها أتت كضرورة ملحة لترتيب البيت الداخلي وإدارة السلطة في المحافظات التي تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية ويتجاوز سكانها 20 مليون نسمة من اصل 27 مليونا ، ولا تتطلع إلى إعترافا دوليا لكنها بالتاكيد ستطرق هذا الباب وكل الابواب

رحلة معاناة الحكومة ستبدأ من تسلم مهام  دولة انهكها العدوان بل دمرها بالكامل وما يزال يفرض حصارا  بريا وبحريا وجويا غير آبه بالوضع الانساني الكارثي الذي وصل لدرجة تفشي المجاعة في بعض الاحياء الفقيرة في الساحل التهامي على البحر الاحمر في محافظة الحديدة  غرب اليمن في ضل استمرار صمت الامم المتحدة الذي لا يملك اليمنيون له من تفسير سوى انها العدو رقم 2 .

القوى الوطنية التي شكلت هذه الحكومة وشكلت قبلها المجلس السياسي كسلطة عليا،  تؤكد انه ليس امامها طريق آخر تشقه للبقاء ،  مثلما لم تجد طريقا  آخر سوى مواجهة العدوان طوال زمن الحرب التي لم تنتهي بعد وما زالت تأتي لتفتيت الحطام بعد أن قضت على الاخضر واليابس في دولة كانت قد أعلنت قبل العدوان بنحو عام  أنها بحاجة إلى منحة مالية لأنقاذها من الافلاس ولهذا فانها مستعدة على نحو مختلف للتعامل مع الظروف الصعبة للغاية ، فاقتصاد الدولة ومواردها المالية التي كانت تعتمد على النفط بنسبة 70% لم يعد موجودا فمعظم الابار النفطية  والحقول الغازية تحت سيطرة الجماعات التي تقاتل مع السعودية والامارات ( الاصلاح ، جزء من الحراك الجنوبي ) حتى هولاء كل فصيل منهم يتصرف بما يقع تحت سلطته من النفط والغاز، وهذا يعني ان موارد الدولة الاساسية ليست تحت سلطة الحكومة المشكلة ، عدا عن الموانئ المتوقفة والمدمرة وحركة النقل والتجارة والتصدير التي هي ايضا شبة متوقفة

أضف إلى ذلك أن جزء من  أهداف تشكيلها له علاقة بتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان عسكريا في 8 جبهات  مفتوحة ويعززها تحالف العدوان التي تقوده السعودية بكل الامكانيات العسكرية والمالية  وأن كانت قد وصلت إلى نسبة محدودة  في الاوانة الاخيرة بسبب الازمة الاقتصادية ايضا التي تعيشها السعودية

هذا الظاهر البارز جدا من المعوقات  أمام هذه الحكومة دون تفاصيل قد نغرق فيها،  لكن ذلك لا يعني انها ستفشل،  ويبدو أن هذا المستحيل ممكنا اذا ما راجعنا السنة والنصف الماضية وكيف تم ادراة الدولة والحرب معا بامكانيات تبدو متواضعة جدا .

ثقة الحكومة المشكلة تأتي من حجم اصرار القوى السياسية على إنجاح مهامها وتماسك الحضور الشعبي  الذي تحضى به هذه القوى وإلتفاف القبائل اليمنية التي كان لهم نصيب كبير في التشكيلة المعلنة حول الحكومة وهذه ابرزعوامل  الصمود امام العدوان كل هذه الفترة وفشل الطرف الاخر .

وأخيرا لعل القوى الوطنية  الممثلة بالمجلس السياسي التي أعلنت تشكيل الحكومة وأعلنت في المقابل القبول بخارطة الطريق التي وضعها ولد الشيخ وأعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري  في مسقط في 15 نوفمبر عن التوافق حولها ، لا تجد نفسها خاسرة اذا ما نجحت التفاوضات وتم تشكيل حكومة وطنية ضمن تسوية سياسية شاملة، ولن تكون ايضا خاسرة إذا لم يكتب للمفاوضات النجاح ، بعد أن بات العدوان أمام طريق مسدود بالنسبة للحسم العسكري وتبحث السعودية قبل غيرها كيف تخرج من هذه الحرب .