أمريكا أوباما- أمريكا ترامب: الدَّيـْمة الديمة خلفوا بابَـها!

بقلم/علي شرف الـمَحَطْوري

نظرةٌ إلى ثلاثين سنة إلى الوراء فقط وليس أكثر تكفي لإدراك ماذا صنعت أمريكا بالمنطقة منذ بوش الأب وعاصفة الصحراء ضد العراق بذريعة إخراجه من الكويت، إلى بيل كلينتون وعملية ثعلب الصحراء ضد بلاد الرافدين أيضا، وما بينهما وبعدهما حصار لـ13 عاما حتى جاء بوش الإبن بعقيدة (من ليس معنا فهو ضدنا)، مقتحما المنطقة بعدوان على أفغانستان والعراق، وصولا إلى أوباما صاحب شعار “التغيير” والذي أحدث كل هذه الفوضى في العالم العربي منذ 2011، وبإزائها عدوانٌ “بأداة سعودية” هو الأول بهذه الضراوة والوحشية على اليمن تمت هندستُه وإعلانه في واشنطن في الـ26 من مارس 2015، ولا يزال مستمرا حتى اللحظة لعشرين شهرا، وسيكون ملفا حاضرا إلى جانب بقية الملفات الساخنة على طاولة “خليفة أوباما” الغير مختلف عنه إلا في لون البشرة، بينما كلاهما أَسْودُ الفعائل.

وإن كان من أمر لافت يمكن الإشارة إليه في هذا المجرم الآتي من عالم المال والأعمال وبذاءة الأقوال؛ ما صرح به تجاه “دمى الخليج”، ناظرا إليهم بكل احتقار، معتبرا أنهم ما كان لهم أن يكونوا لولا “الحماية الأمريكية”، متوعدا في حال فوزه بأن يفرض عليهم “ضريبة الحماية”.

هذا هو الوحش الأمريكي الذي يشبه “الراعي” وهو إذ يذب عن غنمه حتى لا يأكلها الذئب، فليس حبا بها لذاتها، ولكن طمعا فيها لقمةً سائغة بدون أي منازع.

صحيح هناك مرحلة صعبة تنتظر الجميع، ولكن الأصعب على أولئك الذين رهنوا حياتهم ومصيرهم بيد الآخرين، وسلموا له زمام أمرهم، فأولئك حتما سيدفعون الثمن باهضا لقاء تقاعسهم وتقاعدهم، وخيانتهم لأمتهم، ورضاهم أن يظلوا عالة على العدو أن يحميهم من “أوهام” هو اخترعها لهم كي يستمر في حَلْبهم وافتراسهم حين تحين لحظة الافتراس.

هذه هي أمريكا، لا شيء يشغلها في الشرق الأوسط أكثر من أمن إسرائيل، وحتى النفط أخذ اهتمام الولايات المتحدة به يتراجع مع انكشاف “النفط الصخري” في أراضيها، وطالما “إسرائيل” باقية، فسوف يظل الأمريكي يُلهِبُ المنطقة بسياط الحروب وعصا الحصار حتى يرضخها، ويدفعها للإذعان، ورفع الراية البيضاء والتسليم المطلق بإسرائيل الآمرَ الناهي، والقائدَ الموكول إليه فض النزاعات بين العبيد.

ومثلما ينتظر المنطقة الكثير من الصعاب، فأكثر منها ينتظر صاحب شعار “أمريكا أولا” الذي سيتسلم مفاتيح البيت الأبيض في الـ20 من يناير من العام المقبل، ولأربع سنوات قادمة، سيكون مدعوا لأن يُثبت ولاءه أكثر للصهيونية، ويمد تل أبيب بأكثر مما أمدها به سلفه أوباما، وينقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، ويمنع على الفلسطينيين أن يحلموا مجرد حلم بأي شيء اسمه دولة، وربما ينفذ وعيده بحق آل سعود والخليج ويكون أول رئيس يتسلم منهم”الجزية”!

ربما..وربما… ولكن الأكيد أنه سيغادر البيت الأبيض مثلما دخله، والشعبُ اليمني في أرضه غير لاجئ إلا إلى ربه وسلاحه، مستمرٌ في الكفاح، أو محتفلٌ بالنصر!

فلا يُشغِلنّ أحدٌ نفسَه بالفوارق بين أوباما وترامب، فالدَّيـْمَة الدَّيـْمَة خلفوا بابها! وذهب طاغية وجاء من هو أطغى منه، ومن أحب السلام فليحمل السلاح، والله ولي الذين آمنوا، إن الله عزيز ذو انتقام.