نوفمبر ومعركة التحرير العالمية
بقلم ـ عبدالواسع صايل الغولي
أتى إلى الجنوب اليمني؛ وأراد التوسُّعَ والانتشار، نعم كانت شهيته الاستعمارية مفتوحة، أراد نهب كُـلّ شيء، والسيطرة والهيمنة على كُـلّ شيء، أرضًا، بشرًا، نباتًا، حيوانًا، جمادًا؛ وهذا حال المستعمرين من شذاذ الآفاق، ولا سيما العدوّ الذي أخبرنا وحدثنا به الله -سبحانه وتعالى- “اليهود في المقدمة، وعلى وجه الخصوص؛ لخبثهم، ومكرهم، ودهائهم، وخطورتهم على البشرية، ثم الذين أشركوا”.
زادت الحماقات، والانتهاكات، ونَفِدَ الصبر اليماني؛ لتبدأ الثورة من شمال اليمن، تعبئة وإعدادًا، وجاهزية، تحَرّك الشباب في المقدمة، ومعهم الجميع من الأحرار، بدأت ملامح النصر بالظهور، والتنكيل بالعدوّ البريطاني وُصُـولًا إلى دحر آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، وإعلان التحرير والنصر الكلي، ورفرفت رايات الانتصار وأعلن الشعب عن تحرّره في عام 30 نوفمبر/ 1967م.
وهكذا بقي هذا التاريخ كابوسًا، ورعبًا للبريطاني، وتذكر هذا اليوم جليًّا عندما أتى في معركة اليوم “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، كاد أن ينسى وأتى إلى البحر ليدافع عن “العدوّ الصهيوني”، ولكن اليمن بقيادته سماحة السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- ومجاهديه الأحرار ذكروه، ولقنوّه درسًا لن ينساه، وما إن سارع بالهروب والنجاة بنفسه.
وفي هذا ألف درس وآية للعدو الصهيوأمريكي؛ لأَنَّ حال كُـلّ مستعمر، وغازٍ، حاله حال البريطاني، ولا يظن المحتلّ أنه سوف يسيطر على اليمن وهذا مستحيل بعينه؛ كيف لا، واليمن هي الوعد الإلهي لتحرير الأُمَّــة ورفع الظلم عنها، “إني لأجد نفس الرحمن من اليمن” فهل يعقل أن نفس الرحمن سينهزم؟!
وفي معركة اليوم؛ أصبح اليمن العزيز الشجاع أكثرَ وعيًا، وقوةً، وصلابةً، وامتلَكَ من الأحداث ما يجعلُه أكثرَ تصميمًا وعزمًا؛ ليجتثَّ الغُدَّةَ السرطانيةَ من قلب هذه الأُمَّــة.
وأصبحت شُعلةُ التحريرِ أكثرَ اشتعالًا، واستعارًا، ولهيبًا.
ولكن هذه المرة، لا تريد تحرير اليمن فحسب؛ بل -أرادت بإرادَة الله وإرادَة الأحرار والمجاهدين- تحرير العالم أجمع؛ من عدوٍّ متغطرس، وظلوم.
ويبقى هذا اليوم محطة للدروس والعبر؛ وأن الأُمَّــة باستطاعتها التحرّر، وفك القيود عن نفسها، وكسر جدار الصمت، وتحطيم كُـلّ هواجس الخوف، إذَا أرادت التحرّر؛ فعليها التحَرّك، والتعاون، وامتلاك الإرادَة، والثقة بالله تعالى، والعمل بأسباب النصر.
إن التفريط بهذا الوعي والأحداث الكبيرة؛ عواقبه وخيمة، وإن الأُمَّــة ستدفع ثمن تفريطها، وتخاذلها عن الحق، وإن على أبناء الجنوب من اليمن التحَرّك والنفير، ومثل ما اندلعت شرارة الثورة ضد المحتلّ من جبال ردفان بتنفيذ مشترك من أبناء الشمال والجنوب معًا، يجب أن يتحَرّك أبناء الجنوب اليوم ونحن إلى جانبهم كتفًا بكتف.
ومن المؤلم جِـدًّا، أن نرى معاناة إخوتنا اليوم في شطر يمننا العزيز وهم تحت رحمة الاحتلال، وليفهم كُـلّ يمني بأن التحَرّك لقادة دول ما يسمى بالتحالف أنه تحَرّك غربي بامتيَاز؛ لإسكات صوت الحق وقتل كُـلّ من لا زال يحمل ذرة من الحرية والوعي، وبالتزامن مع زيارة محمد سلمان لأمريكا نرى العدوّ يصعّد الاحتلال في لبنان، ويشن ضربات مباشرة مكثّـفة على اليمن؛ لتجنيب السعوديّة تبعات الرد اليمني.
وهذا من الوهم فسوف نرى في الأيّام القادمة بعون الله هزيمة بني سعود وكل من تحالف معهم.
ولذلك فسوف نبدأ من ذكرى التاريخ الذي انتهى بدحر المستعمر السابق لنبدأ بمرحلة دحر المحتلّ اليوم، ونحن على ثقة بوقوف كُـلّ الأحرار في خندقٍ واحد ضد المحتلّ، وأنني أراه ومستيقنًا بأنه اليوم الذي سيفرح فيه كُـلّ مظلوم؛ لأَنَّه وعدٌ إلهي أن الاعتصامَ والتمسك بحبله، عاقبتُه النصرُ الأكيد