التحوُّلات السياسية ومراحلُ تفكيك المنطقة!!


بقلم / غيث العبيدي

 

دون تنسيقٍ كافٍ مع “الحلفاء” العرب، ومن خلال تتبّعٍ زمنيٍّ للأحداث السياسية وتحولاتها الجوهرية، التي شملت أغلب الحكومات العربية من جانب، ومسار الصراعات وتأثيراتها وتحالفاتها واستقطاباتها من جانبٍ آخر، بدأ النظام العالمي المعاصر بتدشين مراحل تفكيك المنطقة الإقليمية، لفكّ محاور وتحالفاتٍ قديمة، وبناء تحالفاتٍ أُخرى ومحاور مغايرة، أكثر تأثيرًا وأقوى فاعلية، وفق حساباتٍ سياسيةٍ وتسوياتٍ عالميةٍ جديدة، تقوم على مبدأ «قوة الضغط القصوى» لرسم المسار السياسي والأمني والاقتصادي للمنطقة في المرحلة القادمة.

 

▪️المرحلة الأولى: “الحرب على الإرهاب”

يمكن أن نقول إن هذه المرحلة بدأت مع بداية ما يسمى “الحرب على الإرهاب”، والتي قامت بتقسيم المنطقة إلى دولٍ مستقرةٍ وأُخرى غير مستقرة، وزجّ غير المستقرة منها في تسوياتٍ عالميةٍ ناقصة، لتبقى في حالة عدم ثباتٍ أمنيٍّ وسياسيٍّ، كما في الحالة العراقية واللبنانية والفلسطينية والسورية واليمنية والليبية والسودانية، حتى تنمو فيها ظواهرُ سياسية استسلامية مستدامة تُعلِنُ نهاية عصر المقاومة، وتنفّذ ما يريده النظام العالمي المعاصر، مثلما حصل مع الحالة السورية تمامًا.

 

▪️المرحلة الثانية: «الديانة الإبراهيمية»

بدأت هذه المرحلة مع بداية مخطّط ما يسمَّى «الديانة الإبراهيمية»، والتي غالبًا ما تشير إلى صهر الإسلام الدين الأوحد بالمسيحية واليهودية في ديانةٍ واحدة، تتبنّى رؤيةً شاملةً مرتبطة بالنظام العالمي المعاصر في إشارة إلى أمريكا و”إسرائيل”، ووفق حركاتٍ استراتيجيةٍ تدريجيةٍ تتجاوز الأنماط التقليدية القديمة، للوصول إلى مرحلةٍ عربيةٍ أكثر استسلاما وأقوى ارتباطًا بـ”إسرائيل”، كما في الحالة الخليجية والمغربية، مع بقاء المراجعات مُستمرّة مع باقي الحالات العربية الأُخرى.

 

▪️المرحلة الثالثة: ما بعد «طوفان الأقصى»

ويمكن أن نطلق عليها مرحلة ما بعد «طوفان الأقصى» والتسويات العالمية الجديدة في قطاع غزة تحديدًا؛ إذ إن هناك معطياتٍ بعدم ممانعةٍ عربيةٍ في كُـلّ ما طُرح وسيُطرح لاحقًا من صيغٍ جديدةٍ لتحالفاتٍ جديدة، ستُدار من فلسطين، وتحديدًا من قطاع غزة؛ لكونها ستشكّل -مع الحالة الخليجية- منطقةً محوريةً لكل التوجّـهات السياسية العالمية الكبرى في المنطقة، ومنهما ستنطلق مقارباتٌ جديدة مع “إسرائيل”، ومنهما أَيْـضًا سيُعاد ترتيب الأبعاد الاستراتيجية للمنطقة، ومنهما ستبدأ مرحلة تحولاتٍ اجتماعيةٍ عميقةٍ ومؤثرةٍ ستربك المشاهد الإسلامية في الدول العربية كَثيرًا.

علمًا أن كُـلّ الدراسات والتقارير الرسمية سبقت كُـلَّ مرحلةٍ مما تقدّمُ أعلاه بمددٍ زمنيةٍ غير قليلة، فهي ليست وليدةَ اللحظة، وإنما خُطِّط لها بدقةٍ عاليةٍ وعنايةٍ كبيرة.