لا جديد تحت الشمس..


بقلم/عبدالمنان السنبلي

عندما كان الفلسطينيون يقاومون جيش العدوّ الصـهيوني بالحجارة، لم يكن يروق هذا العمل لكل الذين لديهم مشكلة أَو تحسُّس من أعمال المقاومة..

وكانوا كلما رأوا حجرًا فلسطينيًّا قد أصاب جبهة جندي للعدو المحتلّ مثلًا، كانوا يسارعون إلى صَبِّ جامِ غضبِهم على هذا الحجر بدعوى أن لا قيمة له سوى التسبب في توحش الكيان وإمعانه في ارتكاب المزيد من الجرائم..

لم يكونوا ينظرون إلى الأثر النفسي والسيكولوجي والوجودي الذي يحدثه هذا الحجر في عقلية ونفسية هذا المحتلّ الإسـ..، رائيلي، بقدر ما كانوا يخضعونه لنوبة من التهكم والسخرية والتحجيم والتقزيم..

أو هكذا كانوا ينظرون إليه..

وكانوا يستميتون في الدفاع عن هذه الرؤية المشوهة والانتهازية، لولا أن الأيّام قد دارت وجاءت لتثبت حقيقة ما صنع ذلك الحجر..

الأمر نفسه تكرّر طبعًا مع تطور أدوات المقاومة وانتقالها من مرحلة الحجارة إلى مرحلة الصواريخ البدائية، والتي لم يكونوا يتحرجون يومها من وصفها بالعبثية، ووُصُـولًا إلى ما تمتلكه اليوم وما هو متوفر لديها من سـلاح وعتاد ولوجستيات وغيره..!

وكذلك هي نظرتهم أَيْـضًا لأدوات وسلاح وأعمال المقاومة في جميع ومختلف ساحات وجبهات المقاومة الداعمة والمساندة لفلسـطين سواء في اليمن أَو لبنان أَو العراق أَو إيران أَو غيرها إن وجد..

الموقف الموقف والنظرة النظرة والنغمة النغمة..

كم صهيونيًّا قتلوا..؟

وكم أصابوا..؟

وما قيمة أن تطلق مسيرة أَو صاروخًا يتم اعتراضه، أَو يصيب “أريلًا” أَو يُحدث حفرة في حرم مطار أَو في ساحة مفتوحة أَو صالة مغادرة أمام ما يقوم به العدوّ في المقابل من تدمير مدن أَو استهداف مطارات وموانئ ومنشآت اقتصادية حيوية أَو شخصيات قيادية..؟

وماذا أفادوا غـزة..؟

هل أوقفوا العدوان عليها..؟

أو رفعوا الحصار عنها..؟

وغير ذلك من الأسئلة والمواضيع التي يطرحونها دائمًا ويتداولونها امتعاضًا وتهكمًا وسخريةً وانتقاصًا واستصغارًا واحتقارًا لعمليات المقاومة

وهكذا هم المنافقون والمنبطحون والمتآمرون دائمًا وأبدًا..

لذلك، ليس غريبًا أن نجدهم اليوم قد جن جنونهم وأُصيبوا بنوبة هستيريا أمام مشهد سقوط مسيرة يمنية على مطار “رامون” الصـهيوني، وبدأوا كعادتهم العزف على ذات المنوال وذات الوتر..

ليس غريبًا أن نراهم يسخرون منها أنها لم تقتل أحدًا، وأنها لم تلحق ضررًا بالغًا عدا عن تهشيم بعض الزجاجات أَو الأبواب الخشبية، أَو كما يتقولون..

ليس غريبًا أن نراهم يتباكون على ما قد ينطوي عليها من ردة فعل صهـيونية في محاولة انتهازية منهم لتسويق أنفسهم وتقديمها أنهم، وبموقفهم السلبي من المقاومة، من يهتم بمصلحة هذه الأُمَّــة، وأن انبطاحهم ونفاقهم لا يأتي إلا في إطار مصلحة هذه الأُمَّــة..!

يعني: نفس الأُسطوانة المشروخة التي نسمعها منهم ومن أسلافهم امتداداتهم التاريخية والفكرية منذ قرون..

ولا جديد تحت الشمس..

لكن السؤال:

هل هم بهذا كله يغيرون من معادلة المقاومة شيئًا..؟

الإجَابَة: لا أعتقد ذلك، فأربعون كلبًا إذَا بالوا جميعًا في ماء البحر، ما ينجسـونه..!

أو كما يقول المثل اليمني..