في ظل العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف قيادات يمنية مدنية، بما في ذلك اغتيال رئيس حكومة التغيير والبناء أحمد غالب الرهوي وعدد من الوزراء، برز الخطاب الأمني للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” كمركز إشعاع فكري واستراتيجي يوجه البُوصلة نحو رؤية متكاملة للمعركة الأمنية في اليمن وارتباطها العضوي بالصراع الإقليمي الأوسع.

رؤيةٌ يرى السيد القائد “يحفظه الله” من خلالها أن المعركة الأمنية للداخل اليمني “أَسَاسيةٌ ورديفة للمعركة العسكرية”، فهي تعمل على “تحصين الجبهة الداخلية من الاختراق” وتشكل خَطَّ دفاع حيويًّا يدعم العمليات العسكرية بشكل لا يقبل التجزئة.

التكامل بين الجبهتَين الداخلية والخارجية لليمن ليس ترفًا استراتيجيًّا، بل ضرورة وجودية في مواجهة المخطّط الصهيوني الذي يستهدف الأُمَّــة بأكملها.

في هذا الإطار، تبرز إنجازاتُ الأجهزة الأمنية اليمنية كحجر أَسَاس في بناء الصمود الداخلي، حَيثُ أشاد السيد القائد “يحفظه الله” بالدور الكبير لهذه الأجهزة التي “تبذل جهدَها وحقّقت نجاحاتٍ كبيرةً ومهمةً في تحصين الجبهة الداخلية”، وهذه النجاحات ليست عابرة، بل هي نتاج جُهد تراكمي يستند إلى رؤية استباقية تهدفُ إلى تجفيفِ منابع الاختراق والتآمر.

الأجهزة الأمنية، ليست مُجَـرّد أدوات ردعية، بل هي هياكل مؤسّسية تعمل في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى حماية المكتسبات الوطنية وضمان استمرارية المقاومة.

وقد وعد السيد القائد “يحفظه الله” بأن “الأيّام القادمة ستشهد نجاحات إضافية”، وأشَارَ إلى أن الأجهزة الأمنية ليست في حالة دفاعية فحسب، بل هي في طور التطور والتوسع لمواجهة التحديات المستقبلية المتوقعة في ظل التصعيد العدواني الإسرائيلي المتنامي.

ولا يمكن فصل هذه الإنجازات الأمنية عن الدعم الشعبي الكامل الذي تتمتع به القوات اليمنية، حَيثُ أكّـد السيد القائد “يحفظه الله” بأن الأجهزة الأمنية “مُستمرّة بإسناد شعبي كامل” وهذا الدعم ليس مُجَـرّد شعارات، بل يتجلى في مظاهر ملموسة مثل “توقيع وثيقة الشرف القبلي” وَ”إعلان البراء في المظاهرات”؛ مما يعكس عمق الارتباط بين الشعب اليمني ومؤسّساته الأمنية.

وهذه العلاقة التكافلية بين الشعب اليمني والأجهزة الأمنية هي التي تشكل الدرع الحقيقي ضد محاولات الاختراق والتفكيك، حَيثُ يتحول الشعب إلى رقابة شعبيّة فعالة وقوة ردعية طبيعية في وجه أي محاولات للتآمر.

وفي مواجهة هذه المعركة المصيرية، وجه السيد القائد “يحفظه الله” تحذيرًا حادًّا لأدوات الداخل من الخيانة والعمل لصالح العدوّ الإسرائيلي، مؤكّـدًا أن “لا يمكن لأي خائن أن يحظى بأي شكل من أشكال الحماية”، وأن الشعبَ اليمني سيقف “بالمرصاد لأية محاولات من هذا القبيل”.

تحذيرٌ واضح من أن أي تعاون مع العدوّ الإسرائيلي سيواجه بأقصى درجات الرفض والعقاب الرادع ومن “يعمل لخدمة العدوّ الإسرائيلي ومخطّطاته” لا يمكن أن يقف معه إلا خائن مثله، وهذا الموقف الحازم يعكس إدراكًا عميقًا لطبيعة الحرب الشاملة التي يواجهها اليمن، بحيث أصبحت المعركة الأمنية معركة وجودية لا تقل أهميّة عن المعركة العسكرية الميدانية.

وهنا تتجلى حكمة الرؤية الأمنية للسيد القائد “يحفظه الله” والتي تضع الدعم الشعبي والأمني كأَسَاس لأي مواجهة عسكرية ناجحة، فـ (إسرائيل)، كما يظهر من تصريحات مسؤوليها، تتبع “سياسة ممنهجة” لاغتيال قادة اليمن، ولكن هذه السياسة تبدو غير كافية لتحييد خطر الجبهة اليمنية، بل قد تفتح الباب لتحول اليمن إلى قوة إقليمية أكثر تأثيرًا.

في الختام، يمكن القول إن الخطاب الأمني للسيد عبد الملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله” يمثل رؤية استراتيجية متكاملة تضع المعركة الأمنية في صلب المواجهة الشاملة مع العدوّ الصهيوني، وهذه الرؤية لا تفصل بين الداخلي والخارجي، ولا بين الأمني والعسكري، بل تدمجها في إطار واحد يجعل من الشعب درعًا ومن الأجهزة الأمنية سيفًا في معركة المصير الواحد.