اليمن انتصر وقُضي الأمر

 

د. حسن مرهج

ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف العدوان على اليمن العقيد الركن تركي المالكي، أنّ قيادة القوات المشتركة للتحالف تؤيد وتدعم قرار الحكومة اليمنية في قبول دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن ومواجهة تبعات انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، لا يمتّ للواقع الميداني والعسكري الذي فرضه الحوثيون بأيّ صلة، فالذريعة تُسوّق على انّ وقف العدوان جاء نتيجة فايروس كورونا، إنما الوقائع الأخيرة التي فرضها اليمنيون، أجبرت دول العدوان على الانكفاء، ولعلّ التطوّرات العسكرية أسّست لواقع سياسي قوامه انتصار اليمن واليمنيين، حيث أنه وبالتزامن مع دخول الحرب لعامها السادس، تمكّنت القوة الصاروخية والطائرات المسيّرة التابعة للقوات المسلحة اليمنية من ضرب العمق السعودي بقصفها أهدافاً مهمة بالعاصمة الرياض ومناطق جيزان ونجران وعسير، رداً على تصعيد العدوان رغم وعود التحالف بوقف إطلاق النار بحجة تخفيف معاناة الشعب اليمني لمواجهة فيروس كورونا.

حركة أنصار الله أكدت أنّ استمرار العدوان والحصار يعني استمرار العمليات بوجه العدوان. وبعد ساعات من مزاعم تحالف العدوان بأنّ الدفاعات الجوية السعودية اعترضت صاروخين باليستيين ليل السبت الفائت في سماء العاصمة الرياض ومدينة جازان في جنوب المملكة، أكدت القوات المسلحة اليمنية، أنها نفذت أكبر عملية عسكرية نوعية في بداية العام السادس للعدوان السعودي على اليمن استهدفت عمق العدو السعودي تنفيذاً لوعد قائد حركة أنصار الله ورداً على تصعيد العدوان.

سياسياً، باركت أحزاب اللقاء المشترك العملية الناجحة في العمق السعودي واعتبرتها مشروعة كونها للدفاع عن سيادة واستقلال اليمن ورداً طبيعياً على غطرسة العدوان وتماديه في تدمير اليمن واستمرار غاراته الجوية ومجازره بحق أبناء اليمن، ورفضه للمبادرات اليمنية ولكلّ دعوات السلام وكذا منعه للحلّ السياسي والمصالحة اليمنية وتقارب اليمنيين.

في هذا الإطار، بات واضحاً أنّ قواعد اللعبة وموازين القوى في الساحة اليمنية تغيّرت خلال الأيام الماضية، خاصة عقب قيام قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي ومرتزقته بخرق الكثير من الاتفاقيات التي تمّ التوقيع عليها في عدد من المدن والعواصم العربية والأوروبية. حيث أنّ قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية تمكّنوا خلال الأيام القليلة الماضية من تطهير مناطق واسعة من محافظة الجوف الواقعة في شمال شرق اليمن، وتمكنوا أيضاً من التقدّم من المحور الجنوبي الغربي لمحافظة الجوف والوصول إلى بعض المديريات الحدودية مع محافظة مأرب.

في السياق أكدت العديد من التقارير أنّ العمليات العسكرية التي يقوم بها أبطال الجيش واللجان الشعبية ضدّ عناصر مرتزقة العدوان السعودي لا تزال مستمرة حتى هذه اللحظة في عدد من المحاور. ووفقاً للمعلومات التي تمّ الحصول عليها، فلقد شنّت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية هجمات واسعة النطاق ضدّ مرتزقة تحالف العدوان السعودي وتمكنوا من السيطرة على مدينة “الحزم”، عاصمة محافظة الجوف، وأجزاء واسعة من هذه المحافظة بعد قتال واشتباكات عنيفة.

عقب كلّ هذا الانتصارات التي تمكن أبطال الجيش واللجان  الشعبية اليمنية من تحقيقها في كثير من المناطق والمديريات التابعة لمحافظة الجوف، فضلاً عن جملة الانتصارات التي تحققت في عموم اليمن على يد الجيش واللجان الشعبية، فقد بات واضحاً انّ أولى أساسيات وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه تحالف العدوان، جاء نتيجة الانكسارات السعودية في اليمن، فالخسائر الكبيرة التي مُنيت بها قوى العدوان أرهقت السعودية، بالتزامن مع حرب النفط الخاسرة أصلاً التي أعلنها ولي العهد محمد بن سلمان، كما أنّ حجم التحديات الداخلية وحرب الأمراء في السعودية، أماطت اللثام عن حجم الترهّلات في هذا النظام، فالمشاكل الداخلية أيضاً تُعتبر سبباً هاماً في قرار وقف إطلاق النار، فضلاً عن حجم المعارضة الداخلية لهذا العدوان، وبالتالي ما تمّ تسويقه وما سيتمّ لجهة مبرّرات هذا القرار، فلا شك بأنّ المُطبّلين للنظام السعودي سيقولون هذه فرصة إنسانية لمواجهة كورونا، بينما الحقائق جلية وواضحة، فاليمن انتصر وقُضيَ الأمر.