الأعراف القبلية.. حكمة الأجداد ووصية الأحفاد
بقلم الشيخ: عبد المجيد عبد الله العامري
نعيش اليوم في مرحلة حاسمة يتجلى فيها الدور المحوري للقبيلة اليمنية ومكانتها في مواجهة التحديات المعاصرة والمؤامرات والاخطار والمحن والابتلاءات، لم يكن هذا الدور وليد اللحظة، بل هو امتداد لإرث تاريخي عظيم، حيث كان للقبائل دور بارز منذ فجر الإسلام،وكانت هي السباقة والحاضرة في كل ميدان.
فقد ناصرت قبائل- مثل «الأوس والخزرج» الذين عُرفوا فيما بعد بـ “الأنصار”، -رسولنا الكريم عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، واستقبلوه والمهاجرين، وكانوا درع الإسلام الحصين في العديد من الغزوات والمواقف، ورجال الحرب والسلم على حد سواء.
ولما للأعراف القبلية والإلمام بها ومعرفتها من أهمية كبيرة سيم. في عصرنا الراهن الذي تتعرض فيه القبيلة لحرب ممنهجة ويستهدف الشباب بالحرب الناعمة، أوجه رسالتي هذه للشباب الواعد والأجيال الصاعدة في مجتمعاتنا القبلية، نابعة من خبرتي المتواضعة في الشأن القبلي والثقافي.
إن فهم الأعراف القبلية، وإدراك أهميتها في إصلاح ذات البين، ومعرفة مكانة القبيلة كركيزة أساسية في الدولة والمجتمع، هو أمر ضروري، فالقبيلة ليست مجرد هيكل اجتماعي، بل هي داعم أساسي للشريعة الإسلامية في ترسيخ الهوية اليمنية ومحاربة العادات والثقافات الدخيلة، وحل القضايا، وفض النزاعات، وإنهاء الخلافات والثارات، وتوثيق دعائم الأخوة والاعتصام الجماعي الواحد بحبل الله.
إن دور القبيلة في المجتمع بالغ الأهمية، فهي ترتكز على حكماء ووجهاء يديرون شؤونها بحكمة، ويعملون على، حل الخلافات وفصل النزاعات قبل تفاقمها، ولم شمل الناس وتعزيز التكاتف والتعاون بينهم، والحرص على تجنب الانزلاق في دوامات الثأر والصراعات ونبذ الطائفية والمناطقية، فكلنا “غُرْم واحد ودَاعٍ واحد” تحت راية الحق، وبهذا، تعمل القبيلة كسياج يحمي أفراد المجتمع ويضمن حقوقهم من أي اعتداء او استباحة تطال الدم والارض والعرض.
ولطالما كان دور القبيلة أساسي في مساندة الدولة على مختلف الأصعدة ومنعطفات التاريخ، فالأعراف المستمدة من مبادئ وقيم تشريعات الإسلام الغراء والمستقاه من النهج النبوي المحمدي الأصيل تُعتبر مرجعية ومكملاً لها في القانون المدني والجنائي.
وعلى مدى التاريخ كان لقواعد العرف القبلي الغصابة والمسنونة دور بارز في، حل الخلافات المعقدة والمتراكمة عبر سنوات طويلة في أوساط القبل اليمنية، وإخماد الفتن التي تهدد السكينة العامة والسلم الاجتماعي وإعادة الحقوق إلى أصحابها، تنعكس اثارها الايجابية في الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتوثيق اللحمة الوطنية.
إن هذا التكامل يعزز التعايش والترابط بين القبائل، ويوجه الجهود نحو مواجهة التحديات الخارجية، وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية، ويفوّت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار شعبنا.
لقد كانت الأعراف القبلية اليمنية، مثل “المحدعش” و”المربوع” وغيرها، حافظة للحقوق ورادعة للمعتدي والظالم فهي تضمن إعادة الحق للمظلوم وتفرض احترام النظام الاجتماعي.
إن الحديث عن الأسلاف والأعراف القبلية هو بحر واسع لا يمكن إيجازه في مقال عابر، بل يحتاج إلى مجلدات ودراسات معمقة لنعطي القبيلة حقها ونبرز دورها الحضاري والمجتمعي والإنساني كما برزت اليوم بقوة أمام العالم في تصديها للعدوان الغاشم الامريكي والاماراتي والسعوذي على اليمن ومساندتها لمظلومية غزة وتمسكها بالقضية المركزية الأولى للأمة العربية والإسلامية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
دمتم في رعايه الله وحفظ الله الوطن ارضآ وانسانآ.