الإساءة إلى القرآن.. ثقافة أمريكية متجذّرة
بقلم/ عبدالمؤمن محمد جحاف
تُمثّل جريمة الإساءة إلى القرآن الكريم التي أقدم عليها أحد المرشحين الأمريكيين اختبارًا قيميًّا وأخلاقيًّا وإنسانيًّا صارخًا لكل من ينتسب إلى الإسلام، ولكل من بقي في قلبه ذرة من دين أَو كرامة.
هي ليست فعلًا فرديًّا عابرًا ولا زلة لسان انتخابية، بل هي انعكاس مباشر للثقافة السياسية والإعلامية الأمريكية المتجذرة، التي لا ترى من الحقوق والحريات إلا ما يخدم نزعتها العدوانية ويُجمّل وجهها الإجرامي.
في أمريكا، لم تعد حُرية التعبير قيمةً إنسانية شاملة، بل تحوّلت إلى أدَاة انتقائية تُستدعى حين تُستخدم للإساءة إلى المقدسات، وتُقيَّد حين تُلامس جرائم الاحتلال أَو تنتصر للمظلومين.
هناك، أصبح الطريق إلى المناصب العامة مفروشًا بشروط غير معلنة، أبرزها: الإساءة إلى الدين الإسلامي، وإطلاق مواقف ترضي اللوبي الصهيوني لتضمن دعمه السياسي والمالي والإعلامي.
هذا واقع تُكرّسه ممارسة أمريكا السياسية، حَيثُ يُقاس “الاعتدال” بمدى العداء للإسلام، ويُقاس “الولاء” بمدى الانحياز للصهيونية؛ انحيازًا يفوق أحيانًا ما يعلنه الصهاينة أنفسهم.
إن تكرار هذه السلوكيات يؤكّـد أن الأمر لا يتعلق بأفراد أَو حملات مؤقّتة، بل بثقافة متطرفة ترى في الصهيونية الفاشية -التي تُبيد الفلسطينيين منذ عقود- حليفًا استراتيجيًّا؛ ثقافة تُشرعن القتل والتهجير، وتُبيح تدنيس المقدسات، ثم تُسوّق ذلك بوصفه “حرية”.
ومن هنا، فإن الإساءة إلى القرآن ليست حدثًا معزولًا، بل حلقة في سلسلة طويلة من التحريض والكراهية، تُدار بعقلية استعمارية، وتُغذّى بإعلام ضخم ونفوذ مالي عابر للحدود.
وأمام هذا المشهد، تبرز أسئلة موجعة لا يمكن القفز فوقها:
أين المسلمون؟ وأين المقتدون بالسلف؟!!!!
أين أهل السُّنة والجماعة والمدافعون عن الحرمات؟!!!!
أين الخطب النارية التي كانت تهز المنابر؟ وأين أنصار الحق وأصوات الغيرة على كتاب الله؟
هل عجزتم عن الكلام حين رأيتم القرآن يُدنَّس أمام أعينكم؟ هل ما زلتم أحياءً بضمائركم، أم أصابها الموات والتبلد؟
إن أخطر ما يواجه الأُمَّــة اليوم ليس عداء الخارج فحسب، بل هو “صمت الداخل”.
فالتخاذل عن نصرة المقدسات يُغري المعتدي بالمزيد، ويُحوّل الجريمة إلى سابقة، والسابقة إلى نهج.
وليس المطلوب هنا انفلاتًا أَو فوضى، بل موقفًا شجاعًا، وكلمة حق، ووعيًا يُعرّي الزيف ويُسقط أقنعة “الحرية” المزيفة.
إن الإساءة إلى القرآن الكريم ليست مُجَـرّد استفزاز، بل هي إعلان صريح عن منظومة قيم مختلّة.
والردّ الحقيقي يبدأ باستعادة الوعي، ورفض التطبيع مع الإهانة، وكسر جدار الصمت؛ فالأمم لا تُقاس بقوة أعدائها فقط، بل بقدرتها على الدفاع عن مقدساتها، وبحيوية ضميرها حين تُنتهك ثوابتها.