لماذا ترفض واشنطن الاتفاق بشأن سوريا…

الجوف نت

لا تبدو واشنطن باحثة عن هدنة أو إغاثة إنسانية في حلب أوعن حل قريب في سوريا. لكنها تحرص على تحالفها مع السعودية في المنطقة، على الرغم من الأعباء التي يسببها حليف قليل الحصافة.

ما كان مُنتظراً في “اتفاق الفرصة الأخيرة”، على ما سرى الاعتقاد قبيل قمة العشرين، لم يتقدّم عما علق عنده في مباحثات خلت منذ ثلاثة أشهر. الرئيس الروسي وصف العقدة بأنها نتيجة “خلافات تقنية” أملاً بالتوصل إلى اتفاق قريب، كما  دأب المسؤولون الروس المتفائلون دوماً بما يسمونه التعاون مع الشريك الأميركي.
لكن الرئيس الأميركي تحدث عن فجوة بين البلدين، وفق السياق الأميركي الذي يشكك بفرج قريب كلما أعرب بوتين أو لافروف أو سيرغي ريابكوف عن الاعتقاد بخاتمة سعيدة. اللقاءات المتتالية بين سياسي البلدين وخبرائهما في جنيف، تصطدم بالإلحاح الأميركي على منع الجيش السوري وحلفائه من استثمار انتصاره في حلب، لما لهذا الانتصار من غلبّة مفصلية في حل الأزمة السورية.

في هذا الصدد حاولت موسكو أن تأخذ الهواجس الأميركية على محمل الجد، حين قطعت عملية خان طومان مدخلاً لتقدّم المباحثات السورية في جنيف، لكن واشنطن ما لبثت أن دعمت الجماعات المسلّحة لتغيير موازين القوى بالسيطرة على خان طومان وتلة العيس. طوق حلب لم تنجح الجماعات المسلّحة بكسره على الرغم من ثغرة الراموسة التي أعاد الجيش السوري وحلفاؤه إقفالها في السيطرة على الكليات العسكرية، وهو ما ترفض واشنطن قبوله في بحث الهدنة ووقف الأعمال العدائية، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى حلب.

فالمبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني يقول أن كيري ولافروف لم يتوصلا إلى اتفاق “لأننا لم نقبل أدنى من سقف المطالب الأساسية للمعارضة”.

وهي بحسب ما بات يتقاطع في عرض مسوّدات الاتفاق تشمل وقف تحليق الطيران الروسي وكذلك العمليات الهجومية لمواجهة الجماعات المسلّحة بما فيها جبهة النصرة، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح شمالي حلب وطريق الكاستيلو.

خبراء البلدين يمضون وقت الاجتماعات الطويلة في الخلاف عما إذا كان حراس هذا الطريق أو ذاك سيتزودون بمدفع رشاش أو سلاح فردي للدفاع عن النفس.

وفي رسائله إلى المعارضة السياسية يسهب راتني في تفاصيل التفاصيل لطريقي الكاستيلو والراموسة والمنطقة المنزوعة السلاح في جنوب غربي حلب وشمالها. لكن في المحصلة لا تقبل موسكو بتكرار تجربة خان طومان ولا تقبل واشنطن بالتخلي عن مساعي تغيير المعادلات الميدانية في حلب في الأمد الأبعد إن لم يكن في الأمد الأقرب، ففي نهاية المطاف الحرب بالوكالة لا تضير واشنطن، كما أفصح راتني.

وزير الخارجية الأميركية يلخّص الفجوة بين الرؤيتين، بحسب تعبير أوباما، بقوله نحن أمام مسألتين صعبتين. وهو على الأرجح يقصد بالأولى تحييد الجيش السوري وحلفائه عن حلب، وفي الثانية تحييد جبهة النصرة عن الضربات الجويّة الروسية.

إنما أمر هاتين المسألتين قد يكون نتيجة لمسألة أصعب وهي طموح التحالف الأميركي – السعودي في المراهنة على الحرب في سوريا، فبينما يجد التدخل التركي طريق أنقرة إلى سوريا، يُحدث في الوقت نفسه خللاً إقليمياً مع السعودية في توازنات حلفاء واشنطن في المنطقة. فالسعودية لا تبحث عن مخارج وتهدئة في المنطقة من اليمن إلى سوريا، لأسباب قد يطول بحث أعراضها وتداعياتها، بل تراهن على خواتيم سحرية لمقدمات مأساوية. وإلى جانبها تذهب واشنطن ودول غربية أخرى تستعد لعقد مؤتمر جديد في لندن “لدعم الشعب السوري”.

لا تبدو واشنطن باحثة عن هدنة أو إغاثة إنسانية في حلب أوعن حل قريب في سوريا. لكنها تحرص على تحالفها مع السعودية في المنطقة، على الرغم من الأعباء التي يسببها حليف قليل الحصافة. فدرايته تضيق ذرعاً بأهل حلب كلما رحبت بهم الروض قالوا حلب قصدنا وأنت السبيل.

قناة الميادين