هل ستبتلع قطر .. سعودية سلمان ،كما أبتلعت الكويت عراق صدام حسين ؟ وهل تكفي الدوحة .. هذه الخيارات لإمتصاص الصدمة..!

تقرير/ عبدالكريم المدي

من يتابع الحدّية غير المسبوقة في التعامل السعودي / الإماراتي مع دولة قطر يستشفُّ منه أن المسألة ليست كما يتصورها البعض، بسبب تراشقات إعلامية أو أن الدوحة تدعم  حركة (الإخوان) والجماعات الإرهابية وإيران وأخواتها وحركة حماس ،وإنما هناك قراءات عدّة لما يجري، الأولى: ربما قد تكون محاولة جديدة لاستعراض العضلات هناك، بعد الاستعراض الحاصل والفاشل في اليمن من قِبل الرياض وأبوظبي ،وإيصال رسائل مفتوحة للخصم الإيراني، ومن يعتقدون أنهم حلفاؤه في المنطقة مفادها، بأن المملكة ومن معها قادرون على فعل ما يُريدون فعله في منطقة الجزيرة والخليج ،ولن يعترضهم العالم، خاصة مع وجود صفقات

بمئات المليارات من الدولارات مع أميركا والغرب التي تُدفع فواتيرها عاجلا وليس آجلا طبعا .

وثانيا: لا يُستبعد أبدا أن يجعل لاغرب من قطر طُعما آخرا للسعودية والإمارات ، مثلما كانت الكويت طُعما لعراق صدام ، وهناك الكثير من المؤشرات على هذا الإحتمال، منها التصريحات والبيانات الأميركية الرمادية تجاه ما يجري من تصعيد ضد قطر،نظاما ودولة وثروة وشعبا ،وتذكروا إن ترمب قد أكد في العام (1989) لمقدمة البرامج الأميركية الشهيرة (أوبرا جايل وينفري) بأنه لو ترشّح للرئاسة الأميركية وفاز ،فسوف يأخذ حوالي ثلث الثروة في الخليج وقد كرر هذا الكلام خلال الحملة الانتخابية ، وبالتالي يتّضح أن القضية تتعدى أضرار قناة الجزيرة ، التي تفوقها أضرارا  نظيراتها( العربية )و( العربية الحدث) و( سكاي نيوز) ،وتتعدّى – أيضا – وجود الشيخ / القرضاوي وبعض قيادات الإخوان وحركة المقاومة العربية /الفلسطينية ( حماس) على أرض قطر.

بمعنى ربما أنه يوجد خلف السطور الرسمية، خليط من الأجندة والمصالح والأطماع الدولية والاقليمية التي تتقاطع وتتنافرمعا، وتُوظّف

كل وحدة منها الأخرى.. ولعل هذه الأجندة والتحولات هي التي جعلت من دول وأنظمة كالسعودية والإمارات مثلا، حداثية وخير من يدعو للحرية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب ويحمل ألوية السلام والتعاييش .

نحن لا نُدافع عن قطر ولا تربطنا بها أي نوع من المصالح ، لكن ما نلاحظه هو أنها – وبغض النظر عن مشاكساتها ولعبها أدور

قد تكون ،مقارنة بحجمها الجغرافي والسكاني كبيرة – مستهدفة بأوسع ما في الكلمة من معنى ،ويُراد تحميلها فشل وإخفاق السعوديينوالإماراتيين والأميركيين في تحقيق إنتصارات عسكرية حاسمة في العراق وسوريا واليمن ، ومن يعتقدونه العدو الأكبر والأخطرلهم ( إيران) .

أما الأمر المثير للضحك في بعض مفردات الخطاب الإعلامي والبيانات التي تتبناها كل من الرياض وأبوظبي ، هو زعمهم أن قطر تدعم الحوثيين وصالح وإيران ووالخ، بينما الحقيقة تقول: إن بين قطر وهوءلاء مسافة أكبر من المسافة التي بين المشرق والمغرب.

المهم السعودية أغلقت المجال الجوي أمام الطيران القطري ومعه المنفذ البري الوحيد ( أبوسمرة) وكذلك الإمارات والبحرين ومصر،

إلى جانب قطع العلاقات الدبلوماسية وقد أنضمت إليها حكومة هادي ، غير الموجدة أصلا ، وواحدة من الحكومات الليبية الثلاث التي تتواجد في الشرق الليبي ،اضافة إلى جزر مورشيوس والمالاديف، ولا شك إن إجراءات الدول الخليجية الثلاث تحديدا قد يكون مؤثرا، لكن لا يعني هذا أن القطريين سيجوعون، لأن  لديهم بدائل أخرى للاستيراد ،سواء كانت عبرعمان والكويت وإيران، أو عبر ميناء حمد ،أوعبر الجو بحكم إمتلاكهم لإسطول جوي يُعتبرُ من أكبر وأضخم الأساطيل الجوية في العالم، وفوق هذا وذاك أن الدوحة تمتلك في صندوقها السيادي أكثر من (335) مليار دولار، ناهيك عن الأمولا الطائلة المواجدوة داخل الدولة وخارجها،كل هذا ولم نذكر بعد عائداتها اليومية من النفط والغاز،على إعتبارأنها ثاني اكبر مصدر للغاز في العالم، اضافة لشبكة العلاقات الدولية

الواسعة، وليس هذا فحسب، فقطر ، أيضا، يوجد فيها قاعدة ”  العديد”  العسكرية الأميركية الضخمة.

وتأسيسا على ذلك ،لدى قطر خيارات عديدة تسُساعدها على فكّ عزلتها وإمتصاص الصدمة، منها إيران وتركيا وروسيا وغيرها، لكن في كل الأحوال ماجرى ويجري يجب أن يكون درسا وجرس إنذار لها ولغيرها من الأنظمة ،المطالبة بتغيرسياساتها وإنحيازاتها المبالغ فيها أحيانا، للفكرة الأحادية، أولبعض التيارات وإتخاذ مواقف عدائية من بعض الحركات القومية واليسارية والوسطية في الوطن العربي.

ما نخلص إليه، وإذاما كان لنا أن نُذيع سرا هنا،هو أن قطر مستهدفة بصورة مباشرة مثلما سبق وأن أستهدفت العراق وسوريا واليمنوالقضية الفلسطينية وليبيا وغيرها ،وعليها التعاطي مع هذا الإستهداف بحكمة ودبلوماسية ،ولا ضيرمن أن تنحني للعاصفة كي تتمكن من الإستمرارية والتغير معا ،بعيدا عن المقامرة وتعزيز الميل نحو  التحدّي الهادف إلى تأكيد الذات، وذلك من أجل قطع الطريق أمام أي مآلات قد تكون نتائجها أخطر مما هو حاصل الآن ، مع بقاء القنوات مفتوحة إقليميا ودوليا..

ومهما حصل أو سيحصل ،فلن ينفي شعب أو يمحي دولة، فالشعوب، كما يرى الأستاذ هيكل ، قد تمرض لكنها لا تموت موتا جماعيا ،أوتُمحى من على خارطة الوجود